دراسات في مجال العمل مع المسنين
هذه الدراسات تمثل جزء من الإطار النظري لبحث قام به كل من:
أ.د. صالح بن عبدالله أبو عباة
رئيس قسم علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أ. عبدالمجيد طاش نيازي
المحاضر بقسم الخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
"المؤتمر الدولي السادس لمركز الإرشاد النفسي" جامعة عين شمس، 1999.
من الصعوبة بمكان الفصل بين الدراسات التي تناولت الحاجات النفسية والحاجات الاجتماعية للمسنين نظرا للتداخل الشديد بينها ، وتأثير بعضهما في بعض وسيتضح ذلك من خلال مراجعة التراث في هذا الجانب .
أشار كل من ( Cumming and Henry,1961 ) إلى أن المسن تنقصه عمليات التفاعل الاجتماعي الذي يساعده على التعامل والتكيف مع البيئة المحيطة به .
وفي دراسة ( Livson,1962 ) تبين أن هناك العديد من التغيرات الاجتماعية التي تصاحب مرحلة الشيخوخة ومن أهم هذه التغيرات فقدان العلاقات الاجتماعية ، وفقدان العديد من الأنشطة والاهتمامات ، والاعتماد على الآخرين ، والخضوع لسيطرة وتحكم الراشدين .
كما توصلت جماعة من الباحثين إلى أن المسن يواجه عددا من المشكلات تقف بيته وبين التوافق النفسي والاجتماعي منها العزلة ، وطول وقت الفراغ ، وانخفاض الدخل الشهري ، والتعرض للمشكلات الجسمية والنفسية ، وظهور الخلافات الأسرية ، ومشكلة السخرية والاستهزاء من قبل الآخرين ( Bromley,1966; Loway, 1975; Bennett, 1980 ) .
وفي نظرية ( Erikson ) عن مراحل النمو ذكر بأن الإنسان في مرحلة التكامل يمر بأزمة الشيخوخة والتي يشعر خلالها الفرد بأن أهميته تتحدد بما فعل في حياته السابقة ، فإذا كان ما فعله يبعث على السعادة والإحساس بالإنجاز فإنه سوف يتجاوز هذه المرحلة بنجاح وهو يشعر بالتكامل والرضى . أما إذا كانت نظرته لماضيه تتسم بالإحباط وخيبه الأمل فسوف يشعر باليأس . ويرى ضرورة أن يتقبل المسنون حتمية كبر السن والتغيرات المصاحبة لها وأن يواجهوا هذه الظروف بنضج الأنا ودون يأس ( خليفة ، 1977 ) .
ولقد توالت الدراسات في مجال الاهتمام بمعرفة الحاجات النفسية والاجتماعية للمسنين ومن ذلك دراسة ( عبدالهادي ، 1986 ) التي توصلت من خلالها إلى تحديد حاجات المسنين والتي تم تلخيصها في الحاجة إلى الأمن ،والحاجة إلى الاحترام والتقدير، والحاجة إلى مساعدة الأبناء ،والحاجة الى تجنب الاعتماد على الآخرين ، والحاجة إلى ضبط الانفعالات والشعور بالإنجازات ، والحاجة إلى معرفة الإمكانيات والموارد والخدمات والبرامج المتاحة ، والحاجة الى تنمية المهارات .
وقد أظهرت دراسة ( حسين ، 1982 ) إلى أن هناك تدهورا واضحا في مستوى الدافعية مع تقدم الفرد في السن ، بالإضافة إلى تدهور القدرات الإبداعية .
ومما تتميز به مرحلة الشيخوخة ظهور الإعاقات المعرفية لدى كبار السن وهو ما توصل إليه ( Denney, 1982 ) إلى أن المسنين يجدون صعوبة في عمليات حل المشكلات والاستدلال وتكوين المفهوم وغيرها من العمليات العقلية المعرفية . وأضاف ( Cornelius, 1987 ) أن أهم ما تتصف به هذه المرحلة الإعاقات المعرفية . ومن الملاحظ أيضا أن لكبر السن أثر سلبي على الجوانب العقلية والمعرفية عامة والذاكرة على وجه الخصوص وهذا ما يؤكده ( عبدالرحمن ، 1988 ) حيث يقول أن المسن تنقصه عملية القدرة على تنظيم عملية الاختزال ونقص القدرة على الانتباه والإدراك نظرا لضعف القدرة على التعلم والاكتساب . كما أشار ( Hurlock, 1981 ) إلى أن المسن يتصف بانخفاض القدرة على تعلم مهارات جديدة .
وفي دراسة (عودة ،1986 )للمجتمع الكويتي قام بحصر مشكلات الشيخوخة في : الأرق ، والحساسية نحو بعض الأطعمة ، والاضطراب الانفعالي ،الشعور بالوحدة والتعصب للرأي ، وصراع الأجيال ، ومشاكل وقت الفراغ ، وانعدام الزيارات الاجتماعية ، هذا بالإضافة إلى المشكلات الصحية . أما بشان المشكلات الخاصة بالنساء كبيرات السن والمقيمات بدور الرعاية الاجتماعية في الكويت فقد لخصها (عودة ) في فقدان الحماس ، وتجاهل الأسرة ، والحاجة الى تفهم الآخرين وقبولهم ، وفقدان الشهية للطعام ، والقلق، والاكتئاب ، والرغبة في التنزه ، والحاجة للوعظ والإرشاد ،والحاجة للمال ، وفقدان القدرة على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية .
وقد أجرت ( سهير ، 1987 ) دراسة عبر ثقافية عن الاكتئاب والانطواء الاجتماعي لدى المسنين المتقاعدين في البيئتين السعودية والمصرية ، وكان من أهم نتائج هذه الدراسة ما يلي :- أن المسنين المتقاعدين أكثر شعورا بالاكتئاب من المسنين الذين يعملون بعد سن التقاعد والفرق بين المجمعتين دال إحصائيا ، وأنه لا توجد فروق دالة إحصائيا بين المسنين المتقاعدين والمسنين المتقاعدين السعوديين والمصريين لصالح العينة السعودية ، وأن هناك ارتباط دال بين درجات الاكتئاب ودرجات الانطواء الاجتماعي لدى العاملين بعد التقاعد في الانطواء الاجتماعي ، وأنه توجد فروق ذات دلالة إحصائية فيما يتعلق بالاكتئاب والانطواء الاجتماعي بين عينة الدراسة في كل من المجتمعين السعودي والمصري .
وفي دراسة ( عبدالمعطي ، 1988 ) عن مستوى القلق لدى المسنين توصل إلى أن حالة القلق في مرحلة الشيخوخة تعد سمة مميزة لهذه المرحلة ، وأضاف أيضا إلى أن الأفراد كلما تقدموا في العمر ارتفع مستوى القلق لديهم وهذا القلق مصدره أربعة جوانب هي : قلق الصحة ، وقلق التقاعد وترك العمل وما يصحبه من عدم الأمان الاقتصادي ، وقلق الانفصال والشعور بالوحدة والفراغ ، وقلق الموت .
وفي دراسة ل ( English and English, 1985 ) بينت أن التغيرات الاجتماعية تتركز حول مفهوم التوافق الاجتماعي والذي يقصد به إحداث التغيرات المطلوبة في الشخص ذاته أو في بيئته للحصول على التوافق النفسي . ومما هو جدير بالذكر أن التوافق قد عرفه ( Barker, 1995 ) بمجموعة الأنشطة التي يقوم بها الفرد لإشباع حاجة أو التغلب على صعوبة أو اجتياز معوق أو العودة إلى حالة التوافق والتلاؤم والانسجام مع البيئة المحيطة .
ويلخص ( عريقات ، 1991 ) التغيرات العقلية والنفسية في مرحلة الشيخوخة في ضعف الذاكرة ، وضعف القدرة على التفكير ، وازدياد الحاجة إلى الشعور بالأمن والعطف والاستقرار ، والتغيرات في الشخصية التي تظهر من خلال المبالغة والغيرة والأنانية والشك واهمال المظهر .
ويرى ( دعبس ، 1992 ) أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى ظهور المشكلات بأنواعها لدى كبار السن في المجتمعات الحضرية ما يلي : انخفاض مستوى المعيشة ، وعدم كفاية الدخل ، وعدم الاحساس بالأمن ، وعدم توفر فرص مناسبة للتدريب على المهن أو الحرف أو الخبرات الجديدة ، والاتجاهات السلبية نحوهم من قبل أفراد المجتمع ، وعدم توفر التوجيه والإرشاد والعناية الطبية والنفسية والاجتماعية الملائمة ، وضعف كل من التفاعل الاجتماعي وشبكة العلاقات الاجتماعية .
ويشير ( إبراهيم ، 1997 ) إلى أن كبار السن يعانون من تدهور في كثير من الوظائف العقلية كضعف الذاكرة والنسيان والخرف ، كما تتضاءل لديهم القدرة على الادراك والتعرف وتضعف لديهم القدرة على التعلم . ويضيف أن من النتائج المترتبة على الضعف الجسمي والقصور في الوظائف العقلية الخوف والقلق والحزن . كما يشير الباحث أيضا إلى أن كبار السن يعانون من مشكلات مرتبطة بعلاقاتهم الاجتماعية حيث تتقلص هذه العلاقات إلى حد كبير وتقتصر على الأصدقاء القدماء والذين يعيشون بالقرب منهم . ويعود السبب في ذلك إلى عوامل عديدة منها التقاعد ، وكبر الأبناء والبنات وانشغالهم بحياتهم الخاصة .
ويصنف ( إبراهيم ، 1997 ) المشكلات التي تواجه كبار السن إلى مشكلات صحية واقتصادية ، وأسرية ، واجتماعية تتعلق بالعلاقات الاجتماعية ووقت الفراغ والتقاعد ، ومشكلات تتعلق بالاكتئاب والاغتراب .
وأخيرا قام فهمي ( 1997 ) بتلخيص الآثار النفسية لكبر السن في الحساسية الزائدة والإعجاب بالماضي وإهمال الذات .
الدراسات السابقة في مجال العمل الجماعي مع المسنين
في دراسة ( Osborn, 1989 ) التي استهدفت اختبار العوامل المؤثرة التي ينبغي الاهتمام بها عند تكوين وتطبيق جماعات الذكريات مع كبار السن التي تهدف إلى تشجيع المهارات والسلوكيات الإيجابية ، أشار الباحث إلى خبراته الشخصية مع عشرة من المسنين تراوحت أعمارهم بين ( 68 – 89 ) وجد أن العوامل المؤثرة في نجاح هذه الجماعات تضمنت الاهتمام بمجموعة من العوامل الأساسية هي : الهدفية purposfullness ، والبناء التنظيمي structure ، والقواعد المنظمة للعمل rules ، وأسلوب القيادة leadership style ، وعمليات الجماعة group process . كما شجع الباحث على استخدام جماعات الذكريات كأدات فاعلة للتدخل والتعامل مع مشكلات محددة يعاني منها كبار السن ، أو كوسيلة لتعزيز القدرات والمهارات العامة .
ويرى ( Crose, 1990 ) أن الجماعات العلاجية لكبار السن يمكن أن تحقق أهدافا متنوعة كحل الصراعات النفسية ، وتشجيع أعضاء الجماعة على التفاعل الاجتماعي ، وتحسين الأداء الانفعالي ، وتحسين صورة الذات .
وفي دراسة لكل من ( Hamlet & Read, 1990 ) تم وصف جماعة مساندة اجتماعية لعدد 26 عضوا ممن يقومون على رعاية المسنين . تركزت عمليات الجماعة على استخدام أساليب توفير الدعم والمساندة الانفعالية العاطفية emotional support ، وتنمية شبكة العلاقات الاجتماعية developing social network ، وتثقيف أعضاء الجماعة عن كبار السن ، وحل المشكلات problem solving ، واستضافة المتحدثين ، وعرض الأفلام واستخدام النشرات والمطويات والملخصات والمطبوعات بهدف زيادة المعلومات لدى أعضاء الجماعة ، واكسابهم المهارات اللازمة للتكيف مع حالات الخبل dementia والاكتئاب ، والاتصال الشخصي ، وإدارة القلق ، والتغذية ، والأنشطة اليومية ، والتمارين الخاصة بكبار السن . كما قام الباحثان بتقويم مدى الاستفادة وفاعلية البرنامج بعد ثلاثة أشهر من انتهاء العمل وذلك من خلال أسئلة موجهة لأعضاء الجماعة تبين من خلال الإجابة عليها وتحليلها بأن أعضاء الجماعة اشتركوا في أعمال جماعية مجتمعية مشابهة مما يدل على استفادتهم من هذا العمل وذلك من خلال تكرار خبراتهم الحسنة .
وفي دراسة ( Gorey & Cryns, 1991 ) التي استهدفت تحليل 19 دراسة تجريبية تعاملت مع فعالية أسلوب التدخل الجماعي مع كبار السن ( 65 سنة فأكثر ) والمصابون بالاكتئاب ، وجد الباحثان أن العمل الجماعي كان سببا في إحداث تغييرات إيجابية بنسبة ( 32 % ) لحالاتهم الانفعالية ، وأن ( 87 % ) من هذا التغيير لا يعزى إلى أساليب تدخل محددة . ووجدا أيضا أن العمل الجماعي يعتبر أدات فاعلة خاصة مع الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم ويعانون من اكتئاب متوسط أو شديد ، كما وجدا أن عمر أعضاء الجماعة ليس له علاقة بدرجة فعالية العمل الجماعي ، وأن أكثر أشكال الجماعات فعالية هي الجماعات صغيرة العدد التي تعمل لفترة زمنية قصيرة .
وفي دراسة لكل من ( Burlew; Jones & Emerson, 1991 ) ناقشوا فيها موضوع استخدام التوجيه والإرشاد الجماعي لتعزيز المشاركة والالتزام لدى كبار السن ، أكد الباحثون على أن التمارين الجماعية اليومية تؤدي إلى تحسين الحالة النفسية والاجتماعية للفرد ، كما تؤدي إلى خفض الضغوط ، وتحسين عملية التفاعل الاجتماعي ، وإيجاد أهداف في الحياة . ونبه الباحثون إلى ثلاثة عوامل أساسية ذات أهمية بالغة ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عند تصميم أنشطة لكبار السن هي : الحالة الصحية ، والقدرات العضلية الجسمية ، والمرونة . كما يرى الباحثون أن هذا النوع من العمل الجماعي مع كبار السن يمر بخمس مراحل أساسية هي : مرحلة التخطيط ، والمراقبة ، والإرشاد ، والتمرين ، والمتابعة . وأخيرا أشار الباحثون إلى مشكلتين أساسيتين يرون أن لها تأثير على العمل مع جماعات المسنين هي : نقص الخبرة لدى الممارسين ، ونظرة المجتمع نحو المسنين .
كما مارس ( Hern & Weis, 1991 ) جلسات إرشادية جماعية لعدد ( 6 ) من النساء كبيرات السن ( 85 إلى 99 سنة ) المقيمات في أحد مراكز الرعاية ممن يميلون إلى تجنب التفاعل الاجتماعي والاتصال بالآخرين ، اعتمد أسلوب تدخلهما على تعديل اتجاهات أعضاء الجماعة وإعادة إيجاد الدافع وإتاحة الفرصة للحديث عن الذكريات السابقة بطريقة منظمة . وخلال 12 جلسة ( بمعدل جلسة أسبوعيا ) أصبح أعضاء الجماعة أكثر قدرة على الحديث والمشاركة وأكثر ترابطا وتماسكا مما ساعد في خفض مشاعر العزلة لديهم .
وقد أشار ( Myers; Poidevant & Dean, 1991 ) إلى أن الدراسات السابقة في مجال التدخل الجماعي مع كبار السن من المعوقين والقائمين على رعايتهم خاصة في مجال الإرشاد الجماعي والعلاج التذكري دلت على أن هذا الأسلوب له فوائد وآثار إيجابية فاعلة للأعضاء وللقائمين على رعايتهم . كما أشاروا إلى أن من الموضوعات التي تهتم بها جماعات القائمين على رعاية كبار السن توفير المعلومات information ، والمساندة والدعم support ، والمخاوف المرتبطة بالوصول إلى هذه المرحلة من العمر ، والاتصال communication . كما دلت الدراسات إلى أن عمليات الجماعة تؤدي إلى خفض مشاعر العزلة لدى القائمين على رعاية كبار السن ، وأن نجاح مثل هذا النوع من العمل الجماعي يعتمد بدرجة كبيرة على مجموعة من العوامل أهمها : حسن اختيار الأعضاء ، ومعرفة القائد بكبار السن ومطالبهم وحاجاتهم ومشكلاتهم ، واستعداد القائد للعمل مع هذا القطاع من المجتمع .
وفي دراسة ( Singer; Tracz & Dworkin, 1991 ) استهدفت مناقشة فوائد جماعات الذكريات العلاجية reminiscence group therapy ( RGT ) قام الباحثون بوصف إحدى هذه الجماعات في أحد مراكز الرعاية اليومية لكبار السن ، حيث تكونت الجماعة من 11 عضوا تراوحت أعمارهم ( 60 إلى 89 عاما ) اجتمعوا لمدة عشرة أسابيع بمعدل ساعة لكل جلسة . ناقشت الجماعة ذكريات منظمة من مرحلة الطفولة مرورا بمراحل مختلفة وحتى الوقت الحاضر . بينت الدراسة زيادة ارتباط وتماسك أعضاء الجماعة مع بعضهم البعض وقدرتهم على التحدث والتعبير عن مشاعرهم وانفعالاتهم وذكرياتهم مما أدى إلى خفض درجة الاكتئاب وتحسين أمزجتهم وأساليب انفعالاتهم . كما أثبتت الدراسة أن للبيئة الآمنة والمتقبلة أثر في زيادة قدرة أعضاء الجماعة على التحدث عن ذكرياتهم ومشاعرهم .
وفي دراسة ( Frey; Kelbley; Dyrham & James, 1992 ) استهدفت تقويم الإجراءات العلاجية لتعزيز احترام وتقدير الذات self-esteem لعدد ( 21 ) مسنا من المقيمين بمراكز التمريض ، تم تقسيم العينة إلى مجموعتين ضابطة وتجريبية ، المجموعة الأولى ( الضابطة ) تكونت من ( 12 ) مسنا ترك لهم فرصة الحديث الحر ومناقشة أخبار وشؤون الساعة ، أما المجموعة الثانية ( التجريبية ) وعددها تسعة ( 9 ) فقد طبق عليهم برنامج التوجيه والإرشاد النفسي ومرت المجموعة خلال عملها بأربع مراحل أساسية هي : مرحلة اكتشاف الهوية ، ومرحلة تقبل جوانب القوة والضعف الشخصية ، ومرحلة تعزيز وتغذية الهوية وجوانب النقص والقوة بواسطة التفاعل الاجتماعي المستمر ، ومرحلة ممارسة الأنشطة التي تعزز احترام وتقدير الذات . وكان من نتائج هذه الدراسة زيادة احترام وتقدير الذات لدى أعضاء المجموعة التجريبية .
أما دراسة ( Dhooper; Green; Huff & Austin, 1993 ) فقد استهدفت التعرف على فعالية طريقة العمل مع الجماعات في خفض الاكتئاب لدى كبار السن من المقيمين في مراكز التمريض للمسنين ، شملت الدراسة 16 شخصا تتراوح أعمارهم بين 64 إلى 94 عاما ممن يعانون من الاكتئاب الخفيف والمتوسط ، واعتمد أسلوب التدخل على الاستفادة من مجموعة متنوعة من نماذج ونظريات التدخل الجماعي بهدف خفض الاكتئاب عن طريق أسلوب التذكر للأحداث والذكريات السابقة وحل المشكلات . وبعد الانتهاء من عملية التدخل تبين أن ثلاثة أرباع الأعضاء الذين شاركوا في الجماعة العلاجية تخلصوا من الاكتئاب .
وفي دراسة ( Thomes; Hicks & Johnson, 1994 ) طبق برنامج إعادة التدريب العقلي الجماعي cognitive retraining group program الذي استهدف مساعدة أعضاء الجماعة للتحكم في مهاراتهم الحركية لجهازهم الحركي العلوي ، شارك في هذه الجماعة العلاجية خمسة من كبار السن تراوحت أعمارهم بين 65 إلى 84 عاما سبق أن تعرضوا لنوبات قلبية ، واستمر البرنامج لمدة أسبوعين عقد خلالهما ثمان جلسات . وركزت أنشطة الجماعة على مهارات تذكر الأحداث قريبة المدى short-term memory skills والأنشطة العقلية المعرفية cognitive activities وتمارين وأنشطة حركية متنوعة ، وتنمية القدرات العقلية العملية ، والتزويد بمهارات حركية معينة . وأثبتت الدراسة وجود فروق ذات دلالة بين الدراسة القبلية والبعدية لعينة الدراسة في مجال تحسين مستوى الأداء في الجهاز الحركي العلوي ، كما ظهر استفادة أعضاء الجماعة الواضحة من التفاعل الجماعي داخل الجماعة تمثل في قوة الارتباط والتماسك فيما بين أعضاء الجماعة ، كما تحسن مستوى القدرات العقلية والاعتماد الذاتي .
وفي دراسة استهدفت التعرف على فاعلية الخبرات الجماعية والاستفادة منها في وضع قواعد لأعمال جماعية مستقبلية قام ( Creanza & Mcwhirter, 1994 ) بتطبيق دراسة على عينة قوامها 40 مسنا ( 70 عاما فأكثر ) ، استخدم فيها الباحثان المقابلات الشخصية التي ركزت على الحديث عن الماضي ، وتوجيه بعض الأسئلة المفتوحة ، وترك الفرصة للمحادثة الحرة . وتضمنت هذه المقابلات والاستبانات والأحاديث موضوعات متنوعة كذكريات الطفولة والحياة الوظيفية والضغوط والأمور المتعلقة بالنوع gender issus . وقد نتج عن هذه الدراسة وضع استراتيجية لقيادة جماعات كبار السن استفاد منها الممارسون لهذه الطريقة وسهلت لهم مهمة العمل والاتصال داخل هذه الجماعات .
كما عرض ( Terry, 1994 ) لبرنامج تدريبي لمجموعة من العاملين والمرضى في إحدى المستشفيات الخاصة لرعاية كبار السن ، تضمن البرنامج تكوين جماعات مساندة صغيرة الحجم من العاملين والمرضى بغرض التعامل مع الصعوبات النفسية والانفعالية لكل من العاملين والمرضى ، وقد طبق البرنامج لأكثر من ستة أشهر واستخدم أسلوب تبادل المعلومات والخبرات والمشاعر والانفعالات بين المرضى والعاملين كأدات لتحقيق أهداف العمل الجماعي . وكان من نتائج هذا البرنامج الهامة تحسين عملية الاتصال فيما بينهم .
وأخيرا يعتبر ( weiss, 1995 ) أن البرامج الجماعية أدات فاعلة ومؤثرة للتعبير عن الاهتمامات النفسية والصحية والاجتماعية لكبار السن ، حيث يرى أن هذه البرامج تساعدهم في جعل هذه المرحلة العمرية المتقدمة مرحلة طبيعية ، كما تساعدهم في الاستفادة من قدراتهم وإمكاناتهم الشخصية والمجتمعية إلى أقصى حد ممكن . ويشير الباحث إلى مجموعة من الأنشطة التي تعتمد عليها جماعات كبار السن نلخص أهمها في التالي : التعبير عن النفس self expression ، وتعلم مهارات التكيف learning coping skills ، وتحسين المهارات الاجتماعية improving social skills ، والحصول على مساندة ودعم الأصدقاء peer support ، والحديث عن موضوعات مختلفة تهم الإنسان في هذه المرحلة كالحديث عن الموت والحزن . كما أشار أيضا إلى أهمية برنامج مساندة الأصدقاء والأصحاب لمساعدة كبار السن في تغيير الصورة النمطية السلبية عن هذه المرحلة وتعريضهم لصورة صحية جديدة خاصة فيما يتعلق بالأدوار والوظائف التي يمكن أن يقوموا بها .